ومن هذه الأسماك الرحالة نجد سمك (السلمون) الذي يغادر مكان توالده في أعالي الأنهار ويتجه نحو المحيطات حيث يبقى بضع سنوات، ثم تدفعه غريزته إلى العودة إلى مسقط رأسه، ليضع بيضه هناك ورغم ضآلة معرفتنا بالظروف المحيطة بظاهر الرحيل لهذا النوع من الأسماك، أثناء وجوده في المحيط, فإننا عرفنا بعض الشيء عن المرحلة الأخيرة من حياته وهو في طريق عودته إلى مسقط رأسه، فقد تبين لنا أن مراكز الإرشاد الكيميائية هي التي توجه هذه الأسماك أثناء رحيلها. وقد دلت التجارب على أن السمك (السلمون) يفقد مقدرته على معرفة مجرى النهر الذي جاء منه إذا ما أغلق أنفه حيث يفقد حاسة الشم لديه. كما عرض المختصون بدراسة الأجهزة العصبية طريقة خاصة تبين أهمية حاسة الشم لدى هذا النوع من السمك في تحديد معالم طريق عودته، وذلك بالاستماع إلى الذبذبات التي تطلقها السمكة المقيمة، فحينما يقترب السمك العائد إلى مسقط رأسه من ساحل البحر ويبدأ في طلوع النهر يتوقف جزء كبير من الدماغ عن إصدار الذبذبات تماماً، بينما تبدأ منطقة حاسة الشم عملها بمنتهى النشاط، وكأنما قد توقف ذلك القسم بانتظار الإشارات الكيميائية من الأقسام المجاورة للدماغ. وهذه الإشارات هي التي ترشد كل سمكة إلى المكان الذي ولدت فيه قبل سنين عديدة، وعندما واجهت الأسماك مياه جداولها الخاصة أخذت اتجاهها الصحيح واختارت الذراع الذي تنساب فيه مياه جدولها وهكذا ثبت لنا.