ولعل زيداً رضي الله عنه لم تبلغه الأحاديث الدالة على تحريم تعليق الستور التي فيها الصور، فأخذ بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إلا رقماً في ثوب"فيكون معذوراًً لعدم علمه بها. وأما من علم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم نصب الستور التي فيها الصور فلا عذر له في مخالفتها. ومتى خالف العبد الأحاديث الصحيحة الصريحة اتباعاً للهوى أو تقليداً لأحد من الناس استوجب غضب الرب ومقته، وخيف عليه من زيف القلب وفتنته كما حذر الله سبحانه من ذلك في قوله تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} الآية. وفي قوله تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وقوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ} الآية.
وتقدم في حديث أبي هريرة الدلالة على أن الصورة إذا قطع رأسها جاز تركها في البيت لأنها تكون كهيئة الشجرة، وذلك يدل على أن تصوير الشجر ونحوه مما لا روح فيه جائز كما تقدم ذلك صريحاً من رواية الشيخين عن ابن عباس.
ويستدل بالحديث المذكور أيضاً على أن قطع غير الرأس من الصورة كقطع نصفها الأسفل ونحوه لا يكفي ولا يبيح استعمالها، ولا يزول به المانع من دخول الملائكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهتك الصور ومحوها، وأخبر أنها تمنع من دخول الملائكة إلا ما امتهن منها، أو قطع رأسه، فمن ادعى مسوغاً لبقاء الصورة في البيت غير هذين الأمرين فعليه الدليل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.