نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بحرمة الربا, وقال:"إن أول ربا أضعه هو ربا عمّي العباس ابن عبد المطلب"، حتى يرى الناس صنيعه بأقرب الناس إليه وأكرمهم عليه، فيسهل عليهم ترك مالهم، وتنقطع وساوس الشيطان من صدورهم على هذا السنن الإلهي كان عمل النبي صلى الله عليه وسلم في إبطال التبني. فقد كبر على العرب أن يفصلوا عن أهلهم من ألصقوه بأنسابهم من أدعيائهم، وعزّ عليهم بالنسبة لهذا الإلف الشاق أن يخلعوا عنهم ربقته أو أن يزيلوا عن أفكارهم وطأته, لذلك ألهم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتولى خرق هذه العادة بنفسه، وأن ينفذ تطبيق ذلك التشريع الجديد في متبناه، لتسقط هذه العادة بالفعل كما ألغى حكمها بالقول الفاصل, وليكون ذلك باعثاً للأمة على الامتثال وحافزاً لها على المسارعة إلى القبول، دون تحرج من ترك ما ألفت, فأوحى الله إليه أن يزوج زينب بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب لمتبناه زيد، وأمره أن يتزوجها هو إذا طلقها زيد لمحق هذه العادة الشاذة محقاً، فخطب الرسول صلى الله عليه وسلم لمتبناه زيد ابن حارثة زينب بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب من زيد هذا! هو زيد بن حارثة، كان من قبيلة عربية، ولكنه سبي صغيراً في غارة أيام الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، فكان عبداً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولما بلغ أهله خبره قدم أبوه وعمه وأخوته مكة يطلبون شراء ابنهم زيد، وفداءه بتحريره من رقه، فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه حارثة أبو زيد وقال له: يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العاني وتطعمون الأسير، وإن ابني زيداً عبدك فامنن علينا بفدائه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيكم خيراً من ذلك", قال: وما هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُخيّره، فإن اختاركم فخذوه بغير