ووقائع الحياة تشهد بهذا وتؤكده، فهذا خالد بن الوليد سيف الله المسلول يموت على فراشه، وكان يتمنى أن يموت وهو يجاهد في سبيل الله، ويدافع عن دينه، ورغبة في الشهادة وحرصاً عليها شهد مائة حرب أو زهاءها، وبارز الأبطال، وركب الأهوال، حتى لم يبق في جسمه شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ومع هذا لم يقتل في ميدان، بل مات على فراشه كما شاء الله وما شاء الله كان.
وكثير من الناس بالغوا في أخذ الحيطة لأنفسهم حذر الموت فلقوا مصرعهم في حوادث مؤسفة ما كانت تخطر لهم على بال أو تدور في حسبان.
هذه العقيدة إذا استقرت في قلب إنسان نزعت منه الخوف والجبن، فإذا ما سمع الهائعة أسرع إليها وأقبل عليها في هدوء وسكينة وارتياح وطمأنينة، ولا يقف أثرها عند هذا الحد بل إنها لتمده بقوة تدفعه إلى الإمام وتحول بينه وبين الانسحاب دون نظام تمده بقوة تجعله يكر ولا يفر، يقدم ولا يحجم، لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه ينشد بلسان حاله:
فمن العجز أن تكون جبانا
وإذا لم يكن من الموت بد
يوم لا يقدر أم يوم قدر
أي يومي من الموت أفر
ومن المقدور لا ينجو الحذر
يوم لا يقدر لا أرهبه
من الأبطال ويحك لن تراعى
أقول لها وقد طارت شعاعاً
على الأجل الذي لك لم تطاعي
فإنك إن سألت بقاء يوم
فما نيل الخلود بمستطاع
فصبرا في مجال الموت صبراً
٣- دعا إلى الإيمان بالبعث والحياة الأخروية والتصديق بما في اليوم الآخر من جنة ونار وثواب وعقاب، وحساب أساسه العدالة التي لا تعرف المحاباة قال تعالى: