للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم الأمثال للقادة والحكام وعلمهم بالفعل لا بالقول وحده أن يكونوا مع الجنود في المعركة ويشاركوهم التعب والراحة والجوع والشبع علّمهم أن يعسكروا مع الجيش ولا يغيبوا عنه، ليواجهوا بالحكمة ما يطرأ من مشكلات تتطلب الحل السريع، علمهم أن يعدلوا ويدركوا أن المناصب وإن تفاوتت درجاتها لا تسمح لصاحب المنصب الكبير أن يتعالى ويستبد بمن دونه ويجور عليه في حقه علمهم أن يكونوا على استعداد إن صدرت منهم هفوة لتقبل القصاص بصدر رحب، هذه المبادئ إذا سادت الأمة ونعمت بها جعلت كل فرد فيها يحرص على كيان الدولة ويتحمس في الدفاع عنها فلا يضعف أمام عدوه ولا يتقهقر بل ينقض عليه ويواصل السير إليه حتى يكسر شوكته ويطفئ جمرته.

٧- لا يفوت الإسلام أن يقوى روح الأمل في أتباعه ويجتث بذور اليأس من قلوبهم فيقول سبحانه: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} , ويقول: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .

وبعد: فقد كان كثير من العرب يندفع إلى القتال بدافع العلو ورغبة في النهب كما قال عمير بن شييم:

وأعوزهن نهب حيث كانا [٧]

وكن إذا أغرن على جناب

وضبة أنه من حان حانا [٨]

أغرن من الضباب على حلول

إذا ما لم نجد إلا أخانا

وأحياناً على بكر أخينا