أولاهما: مذمومة حقير شأنها إذا ما كاثر الناس فيها بالأموال والأولاد ابتغاء الافتخار والخيلاء والاسترسال في الشهوات والسخرية من الناس وتعدي الحدود إلى كل ما يوجب سخط الله وغضبه وعقابه. والحياة بهذه الصورة فتنة ومتاع الغرور والخسران، وفي هذا يقول الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ، والأخرى محمودة لدى العقلاء مرغوب فيها، يدعو إليها ربنا بقوله:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ.. الخ} ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ.. الخ} . وهي دعوة صريحة إلى المبادرة للحصول على مغفرة الله والرضوان باتخاذ وسائل الحياة من الأنفس والأموال قربات عند الله شكراً له على ما أنعم، واستمتاعاً بتلك الزينة التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق اعترافاً بفضله وواسع كرمه. وإذا لم يكن كذلك فعلى أي أساس يقوم العمران، وبأي وسيلة يكون التعاون على البر والتقوى، وما الذي يؤخذ من قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} .
ألم يكن القصد واضحاً في قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ..الخ} ... وهو إنذار واضح لكل من لم يتوجه بكل هذه الوسائل إلى الله حباً فيه ووقفاً على الخير في سبيل مرضاته.