٣- ومع أننا نعارض بقوة فكرة التحديد بصفة عامة نقرر في صراحة أن الشريعة السمحة تبيح اتخاذ وسائل منع الحمل، بل وسائل الإجهاض قبل نفخ الروح في بعض الحالات وهي حالات فردية اضطرارية يكون فيها الضرر محققا بالحاملة أو غالبا بشهادة الطب الصادقة لا بالوهم والخيال. وهذا كما تبيح للمريض الفطر في رمضان إذا كان الصوم يضره وقرر الطبيب الحاذق ذلك أو دلت عليه تجربة صحيحة أو ظهرت له أمارة صادقة، وكما تبيح للحامل والمرضع الفطرة إذا خافتا على نفسهما أو ولدهما على التفصيل المبين في الفقه.
٤- والخلاف بيننا وبين دعاة التحديد ليس في هذه الجزئيات الاضطرارية، وإنما هو في الدعوة العامة إلى التحديد، لا فرق بين حالة الضرر وحالة الاختيار كما أشير إليه في السؤال.
وبعد: فلعل في هذا ما يرشد بعض الباحثين إلى أن الأولى والأحق بجهودهم وإمكانياتهم أن توجهوا الشعوب في الأقطار العربية إلى التوفر على العمل المنتج، ويعدوا لهم ما ليس في إمكان الأفراد من الوسائل التي بها تسعد الأمم وتبقى في رغد العيش ورفاهة النعيم، والله أعلم.