ويأبى القدر إلا أن تتحقق توقعات شوقي فتمتلئ دنيا المسلمين خلال نصف قرن بالعشرات من أمثال (مسيلمة) وصاحبته (سجاح) . . . ولا حول ولا قوة إلا بالله!. . .
٨- شعر شوقي التمثيلي:
كان اللبنانيون أسبق الجميع إلى معالجة الفن المسرحي تقليداً للغربيين، وقد سبقوا إلى ترجمة المسرحيات الغربية، وإلى تمثيل بعضها، ثم ما لبثوا أن اتجهوا إلى وضع المسرحيات نثراً وشعراً.
ولما جاء شوقي كان الشعر التمثيلي العربي لا يزال يحبو في دور الطفولة، وكان شوقي قد تشبع بهذا الفن بما قرأ من التمثيليات الغربية وبما شهد منها على المسارح الأجنبية، مما أحدث في نفسه ميلاً إلى معالجة هذا الفن، فكانت أولى محاولاته في فرنسة، إذ وضع أول تمثيلية ولكنه لم ينشرها، وانصرف عن ذلك الاتجاه زمناً حتى أتيح له أن يعود إليه بعد عودته من المنفى، وهنا أخذ شوقي في وضع تمثيلياته الشعرية التي قفزت بشهرته إلى الأوج، وكانت بنفسها حدثاً أدبياً كبيراً في عالم الشعر العربي الحديث، دفعه إلى ما نحسه اليوم في هذا الفن من حيوية تضمن له البقاء. ويمكن حصر هذا التأثير في ثلاثة أشياء:
أ - في الوزن: كان الشعر التمثيلي قبل شوقي مقيداً بوحدة البحر في مجموع التمثيلية، فحطم شوقي هذا القيد، وجعل تمثيليته متعددة الأوزان يتنقل بها بين البحر والبحر، فيكسبها مرانة وحرية.
ب - القافية: وكانت القافية في الشعر التمثيلي قبله واحدة في مجموع المسرحية، مما يبعث الملال في نفس القارئ والناظر، فحطم شوقي هذا القيد الآخر، إذ خرج بأشعار التمثيلية من القافية الواحدة إلى القوافي التعددة، في رشاقة محببة تبعث في التمثيلية القوة والحياة.