ويعتقد أنه في علوه قريب من خلقه هو معهم بعلمه وسمعه وبصره وإحاطته وقدرته ومشيئته؛ وذاته فوق الأشياء فوق العرش؛ ومتى شعر قلبه بذلك في الصلاة أو التوجه أشرق قلبه واستنار وأضاء بأنوار المعرفة والإيمان وعكسته أشعة العظمة على عقله وروحه ونفسه فانشرح لذلك صدره وقوي إيمانه ونزه ربه عن صفات خلقه من الحصر والحلول وذاق حينئذ شيئاً من أذواق السابقين المقربين بخلاف من لا يعرف وجهة معبوده وتكون الجارية راعية الغنم أعلم بالله منه فإنها قالت:"في السماء" عرفته بأنه على السماء فإن "في" تأتي بمعنى على كقوله تعالى: {يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} أي على الأرض وقوله: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} أي على جذوع النخل فمن تكون راعية الغنم أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده فإنه لا يزال مظلم القلب لا يستنير بأنوار المعرفة والإيمان ومن أنكر هذا القول فليؤمن به وليجرب ولينظر إلى مولاه من فوق عرشه بقلبه مبصراً من وجه أعمى من وجه كما سبق مبصراً من جهة الإثبات والوجود والتحقق أعمى من جهة التحديد والحصر والتكييف فإنه إذا عمل ذلك وجد ثمرته إن شاء الله تعالى ووجد نوره وبركته عاجلاً وآجلاً ولا ينبئك مثل خبير والله سبحانه الموفق والمعين.
تقريب مسألة الفوقية من الأفهام بمعنى من علم الهيئة لمن عرفه [٨]