للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما في مصر فقد كان الاتجاه إلى التغريب قويا ومتحمسا، ويمثل هذا الاتجاه كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) لطه حسين حيث يؤكد فيه أن صلة المصريين بأوروبا أكثر من صلتهم بالشرق، وأن الثقافة المصرية جزء من الثقافة الغربية الأوربية، وأن فترة الحكم الإسلامي كله لم تغير من الأمر شيئا. ونهضة مصر في نظرة امتداد لمصر الفرعونية "وأنا من أجل ذلك – يقول الدكتور طه – مؤمن بأن مصر الجديدة لن تبتكر ابتكارا، ولن تخترع اختراعا، ولن تقوم إلا على مصر القديمة لخالدة، ومن أجل هذا لا أحب أن نفكر في مستقبل الثقافة في مصر إلا على ضوء ما ضيها البعيد - الفرعوني - وحاضرها القريب" ثم يقول: "فأما الآن وقد عرفنا تاريخها، وأحسسنا أنفسنا، واستشعرتا القوة والكرامة، واستيقنا أن ليس بيننا وبين الأوربيين فرق في الجوهر، ولا في الطبع، ولا في المزاج، فإني لا أخاف على المصريين أن يفنوا في الأوربيين".

أما الاتجاه الثالث وهو اتجاه تطوير الإسلام والتوفيق بينه وبين الثقافة الغربية، فإنه يرى أن صالح الثقافة والمجتمعات الإسلامية في التطوير كيما يوافق الإسلام الأمر الواقع في الحياة العصرية.. وخطر هذا الاتجاه يأتي من وجهين: فهو إفساد للإسلام يشوش قيمة ومفاهيمة الأصلية بإدخال الزيف على الصحيح وإثبات الدخيل الغريب وتأكيده، أما الوجه الآخر فهو أن هذا التطوير سينتهي بالمسلمين إلى الفرقة التي لا اجتماع بعدها، لأن كل جماعة منهم سوف تذهب مذهبا يخالف غيرها من الجماعات ومع توالي الأيام نجد ثقافة إسلامية تركية وهندية وإيرانية وعربية.. وقد استدرج الشيخ محمد عبده لهذا الاتجاه، كما كان من دعاته فيما بعد قاسم أمين الذي تبنى العمل على تطوير وضع المرأة والعلاقات الاجتماعية عموما، وعلي عبد الرزاق وسعد زغلول اللذان تبنيا الدعوة إلى الوطنية والقومية والعناية بالتاريخ الفرعوني، والأخذ بالنظام السياسي الغربي على أساس أن الإسلام دين لا حكم.