وقد أخرج أبو داود بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام". وقد احتج جماعة من أهل العلم بهذا الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم يسمع سلام المسلمين عليه إذا ردت عليه روحه، وقال آخرون من أهل العلم ليس هذا الحديث صريحاً في ذلك وليس فيه دلالة على أن ذلك خاص بمن سلم عليه عند قبره بل ظاهر الحديث يعم جميع المسلمين عامة وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:"إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" خرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد حسن، وسبق قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تجعلوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" أخرجه أبو داود بإسناد حسن، وسبق أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم:"إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام" فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على أنه صلى الله عليه وسلم يبلغ صلاة المصلين عليه وسلامهم وليس فيها أنه يسمع ذلك فلا يجوز أن يقال إنه يسمع ذلك إلا بدليل صحيح صريح يعتمد عليه فإن هذه الأمور وأشباهها توقيفية ليس للرأي فيها مجال وقد قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} وقد رددنا هذه المسألة إلى القرآن العظيم وإلى السنة الصحيحة فلم نجد فيهما ما يدل على سماعه صلى الله عليه وسلم صلاة المصلين وسلامهم وإنما في السنة الدلالة على أنه يبلغ ذلك وفي بعضها التصريح بأن