للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} على تقدير القول أي يقال له في وقت الموت: {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} والإشارة فيه إلى الموت، والخطاب للإنسان الذي جاءته سكرة الموت. وقوله {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} معطوف على قوله {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} والمراد النفخة الثانية. وقوله {ذَلِكَ} الإشارة فيه إلى الزمان المفهوم من نفخ فإن الفعل كما يدل على الحدث يدل على الزمان. أي يوم النفخ. وقيل الكلام على حذف المضاف أي وقت ذلك، وإنما قال: {يَوْمُ الْوَعِيدِ} مع أنه يوم الوعد أيضاً لتهويله ولذلك بدئ ببيان حال الكفرة. وقوله {مَعَهَا سَائِقٌ} معها خبر مقدم وسائق مبتدأ مؤخر والجملة في حل جر صفة لنفس. وجوز أن تكون في محل رفع صفة لكل. وأنكر أبو حيان على الزمخشري إنكاراً شديداً لما جعلها في محل نصب على الحال من كل لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة، قال أبو حيان: هذا كلام ساقط لا يصدر عن مبتدئ في النحو لأنه لو نعت كل نفس لما نعت إلا بالنكرة. فهو نكرة على كل حال فلا يمكن أن يتعرف كل وهو مضاف إلى نكرة.

وقوله: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} محكي بإضمار قول هو إما صفة أخرى وإما على سبيل الاستئناف البياني كأنه قيل: فماذا يفعل بها! فقيل: يقال: لقد كنت في غفلة من هذا، وقرأ الجمهور بفتح تاء الخطاب حملاً على لفظ كل من التذكر أو على التأويل بالشخص كما في قول جبلة بن حريث:

يا نفس إنك باللذات مسرور

فاذكر وهل ينفعك اليوم تذكير

وأما من قرأ بكسر التاء فالخطاب للنفس. وكذلك فيمن قرأ: {غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ} على التذكير والتأنيث.