للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥ - لقد طلع النبي صلى الله عليه وسلم على الأعداء بأسلوب جديد في القتال. وهو أسلوب الصف، فكان له أثره في تحقيق النصر، والتاريخ الحربي يشهد بأن تطبيق القادة العظام أساليب جديدة غير معروفة في القتال كان له أثره في الانتصارات التي أحرزوها.

وهكذا نرى أن أسباب الانتصار العظيم الذي حققه المسلمون في بدر كانت تكمن في اتباع سنن الله التي علمنا إياها القرآن العظيم، وسننه هذه تقضي بأن النصر هو لمن اتقاه، وتوكل عليه، وتفوق في اتخاذ الأسباب الموضوعية الممكنة، ولا غرو فالله تعالى كما ورد في السنة يحب من أحدنا إذا عمل عملا أن يتقنه.

والخلاصة أن معركة بدر كانت تاريخية فاصلة حقاً، لا في تاريخ الإسلام وحده بل في تاريخ العالم الذي تأثر جد التأثر بظهور الإسلام وانتصاره، وما انبثق منه من حضارة باذخة أثرت، وما تزال تؤثر في حياة الإنسان...

إن هذه المعركة كانت كبيرة الآثار في قريش، وفي جماعة المسلمين، وفي الطوائف التي كانت في المدينة وفي قبائل الجزيرة العربية، وقد تمكنت الدعوة أيما تمكين، ولكنها في الوقت نفسه أثارت في وجهها صعابا جسيمة، وأورثتها مسؤوليات كبيرة، غير أن الدعوة نهضت بواجبها خير نهوض في وجه هذه الصعاب والمسؤوليات ... وخرجت من حومة الصراع ظافرة غالية ...

وقد علمتنا هذه المعركة أن الله سبحانه يؤتي المسلمين نصره، حين يحققون الإسلام في أنفسهم عقيدة وسلوكا، دون أن يتشاغلوا عنه بما ليس منه، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.

والحمد لله رب العالمين


[١] ابن هشام، جـ١، ص ٣٣٩.
[٢] ابن هشام المرجع السابق، ص ٣٣٨، وابن كثير البداية والنهاية، جـ٣، ص ٣٠٨، والواقدي مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ص ٨٩، القاهرة ١٣٦٧ ـ ١٩٤٨ م.