للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودلائل النصر في هذا العصر، أقوى وأوضح منها في أي عصر وكفى الإسلام مجداً أنه ثبت وحده في وجوه الأعداء فما تقهقر وما لان، وما ضعف وما استكان، وخرج من المعارك أقوى مما كان، ولو كان غير الإسلام لقضت عليه هذه الضربات القاتلة وما استطاع أن يقف على رجليه، ولا نقلب على عقبيه، لكنه بقي في الميدان وحده يناضل بقوته الذاتية، ويعود - كما اعتاد - بالفوز والغلبة {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} .

لقد حاول الغربيون بإيعاز من رجال الدين المسيحي أن يحاربوا الإسلام في عقر داره، فشنوها حرباً صليبية على بلاد الإسلام وجندوا جنودهم، وأعدوا عدتهم، ودفعوهم إلى الميدان يحمسهم رجال الدين، ويعدونهم بالجنة والمغفرة، ولكنهم باءوا بالفشل، ورجعوا يجرون ذيول الخيبة والهزيمة.

ومن هذه اللحظة بدءوا يفكرون تفكيراً جدياً في الانتقام من الإسلام، والثأر من هذا الدين الجديد، فرأوا أنه لا بد من تغيير عقلية المسلم أولا، ولا بد من زعزعة عقيدته حتى تفتر همته، وتهن عزيمته، وتضعف غيرته، فلا يستميت في الذود عن دينه والدفاع عن كيانه ومن هنا نبتت فكرة التبشير بعد أن رجع الغربيون من الحروب الصليبية بخفي حنين.

يقول المستر أدوين بلس: "إن ريمون لول الأسباني هو أول من تولى التبشير لعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها فتعلم لول اللغة العربية بكل مشقة وجال في بلاد الإسلام وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة".

وكان من الطبيعي بعد ذلك أن تعقد المؤتمرات، وتناقش المقترحات، وتقرر القرارات كل ذلك في سبيل نصرة المسيحية وإضعاف الإسلام، ومادام القسس بيدهم الجنة وصكوك الغفران لا بد أن يستجيب لهم المسيحيون بأنفسهم وأموالهم، ومن هنا تكدست الأموال وجندب الرجال، وانطلق المبشرون يبشرون بالمسيحية، ويهيئون أدوات العمل.