في أحد، حتى لا يقال إنه جهز جيشاً جديداً أو دعمه بجنود أُخر، ولقد صدق عسكريوا اليوم عندما وصفوا أبا سفيان بأنه قائد فاهم لأسرار الحرب، لما لم يهاجم المدينة عقب معركة أحد، مع أنها أمنيته ليقضي على المدينة مصدر غيظهم، فأحجم عن هذا لعلمه بأن هزيمة بحقيقتها لم تقع، فجيش محمد لا زال سليماً وما هي إلا غلطة رماة ما يظنها تتكرر، ولهذا قال الرسول لعلي:"يا علي، اخرج في آثار القوم، فإن كانوا جنبوا الخيل وامتطوا الإبل، فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل، فإنهم يريدون المدينة، والذي نفسي بيده، لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم". قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل، ووجهوا إلى مكة، ولكن أبا سفيان توقف في حمراء الأسد، لينظر في قول مغروري جيشه عندما قالوا: لا محمد قتلتم، ولا الكواعب أردفتم، بئسما صنعتم، ارجعوا فاستأصلوهم قبل أن يجدوا قوة وشوكة، وقبل أن يجمعوا أمرهم، كان النبي أسرع منهم يعسكر بجانبهم، وعندما علموا بذلك، كان الإجماع على الفرار وليس على الكرار وهكذا صنعت العقيدة بنحو سبعمائة ليخيفو أكثر من ثلاثة آلاف، واستحقوا عن حمراء الأسد ثناء ربهم عليهم بقوله:{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} الآيات.