للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن خرق الإجماع أيضاً أبو محمد ابن حزم، قال الحافظ الذهبي في ترجمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في كتاب تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام: "ومن عجيب ما ورد أن أبا محمد ابن حزم مع كونه أعلم أهل زمانه ذهب إلى أن عائشة أفضل من أبيها. وهذا مما خرق به الإجماع"انتهى.

الموضع الثاني: زعم أبو تراب أن أبا هريرة رضي الله عنه غلب الصحابة كلهم بعلمه وغزارة حفظه لحديث المصطفى. قال: "وهذا معاذ بن جبل وابن مسعود وعلى بن أبى طالب كانوا أفقه من عمر وهو يشهد بذلك ولكنهم لم يكونوا أفضل منه".

والجواب أن يقال لاشك أن أبا هريرة رضى الله عنه كان من علماء الصحابة وحفاظهم وقد حفظ عن النبي عليه الصلاة والسلام علما كثيرا. وكذلك على بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وابن مسعود رضي الله عنهم ولكنهم مع ذلك لم يكونوا مثل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في العلم فقد كانا يفوقان غيرهما من الصحابة في العلم وفي جميع الفضائل. وسيأتي ذكر ما لهما من المزايا في كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية إن شاء الله تعالى.

وقد شهد حبر الأمة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه بغزارة العلم وشهد له بذلك أيضا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وسعيد ابن المسيب وعمر وبن ميمون وإبراهيم النخعي. وسيأتي ذكر أقوالهم إن شاء الله تعالى.

وقد امتاز عمر رضي الله عنه بخصال لم تكن لمن بعده من الصحابة فضلا عن غيرهم. وهي من أوضح الأدلة على غزارة علمه وأن عليا ومعاذ وابن مسعود وابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهم لا يقاسون به في العلم فضلا عن أن يكونوا أعلم منه ... منها أنه وافق ربه أو وافقه ربه في عدة مواضع مذكورة في الصحاح وغيرها وسيأتي حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه قال ابن عمر رضي الله عنهما: "ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر".