للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: إن هذه الآية الكريمة وما في معناها نص صريح في وجوب اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. قال العلامة أبو جعفر الطبري مفسرا لهذه الآية: "فليس الأمر كما يزعمون أنهم يؤمنون بما أنزل إليك، وهم يتحاكمون إلى الطاغوت، ويصدون عنك إذا دعوا إليك يا محمد، واستأنف القسم جل ذكره، فقال: وربك يا محمد لا يؤمنون أي لا يصدقون بي وبك وبما أنزل إليك، حنى يحكموك فيما شجر بينهم، يقول: حتى يجعلوك حكما بينهم فيما اختلط بينهم من أمورهم، فالتبس عليهم حكمه، قال رحمه الله تعالى: شجر يشجر شجورا، شجرا، وتشاجر القوم إذا اختلفوا في الكلام والأمر {بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ} أي لا تأثم بإنكارها ما قضيت وشكها في طاعتك، وإن الذي قضيت به بينهم حق، لا يجوز لهم خلافه، ثم ساق أسانيده الكثيرة بهذا المعنى في أسباب نزول هذه الآية، ومنها حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه المتفق عليه بين الشيخين وغيرهما، وحققها، وخرجها العلامة أحمد محمد شاكر في تعليقه على ابن جرير الطبري [٤٦] وللإمام عمدة المفسرين العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى كلام جيد في تفسير هذه الآية الكريمة فليراجع منه [٤٧] . وقال الله تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [٤٨] قال العلامة الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره تحت هذه الآية بعد إيراده روايات عديدة في أسباب نزولها، قال: " {يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي عن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سبيله، ومنهاجه، وطريقته، وسنته، وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال، بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبِل، وما خالفه فهو مردود على قائله،