هذا المقدر عاملا في "يوم تشقق". وقوله:{ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}"ذلك"مبتدأ و"حشر"خبره و"يسير"صفة "حشر"و"علينا"متعلق بـ"يسير". وقُدِّم لإفادة تخصيص اليسر به تعالى ولا يضر في مثل هذا الفصل بين الموصوف وصفته لأن الفاصل معمول الصفة. والإشارة إلى الإحياء بعد الفناء والجمع للعرض والحساب المفهوم من السياق. وقوله:{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} أي مِنْ نَفْي البعث والتكذيب بالآيات، وفيه تهديد شديد، ووعيد أكيد لكفار قريش، كما أن فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. وقوله:{وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}"جبَّار" صيغة مبالغة من جبر الثلاثي فإن فعالا إنما يبنى من الثلاثي، وكثير من أهل الحجاز وبعض بني تميم يقولون جبره جبرا من باب قتل بمعنى قهره على الأمر قهرا، ولغة عامة العرب سوى من ذكرنا يقولون أجبره على كذا أي حمله عليه قهرا فهو مجبر. وهما لغتان جيدتان بمعنى واحد. قال الفراء:"قد سمعت العرب تقول: جبرته على الأمر وأجبرته". قالوا ولم يجيء من أفعل على فعال سوى دراك. وقوله:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} إنما قَصَرَ التذكير على من يخاف الوعيد لأنه هو الذي ينتفع به، وقد ختم السورة بذكر القرآن الذي بدأها به كما هو الملاحظ في السور المبدوءة بالفواتح المباركة، فما أجمل المطلع، وما أحسن الاختتام.
المعنى الإجمالي:
فلا تجزع بسبب الذي يصادرونك به من القول السيء، وبرِّئ ربك من كل نقص حال كونك تثني عليه بما هو أهله، طرفي النهار وزلفا من الليل، وعقيب الصلوات، واصغ لنداء المنادي يوم يصوت الملك من مكان ليس ببعيد عنهم، يقول: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء فيقوم الناس لرب العالمين. يوم يقرع أسماعهم صوت المنادي بالبعث. ذلك يوم النداء والسماع يوم القيامة من القبور.