ذلك من الآيات مثل قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} ، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ، {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} . إلى غير ذلك من الآيات.
وصبروا على ذلك صبرا عظيما وجاهدوا في الله جهادا كبيرا رضي الله عنهم وأرضاهم وتبعهم على ذلك أئمة الهدى من التابعين وأتباع التابعين من العرب وغير العرب ساروا في هذا السبيل - سبيل الدعوة إلى الله عز وجل وتحملوا أعبائها وأدوا الأمانة مع الصدق والصبر والإخلاص في الجهاد في سبيل الله وقتال من خرج عن دينه وصد عن سبيله ولم يؤدوا الجزية التي فرضها الله إذا كان من أهلها. فهم حملة الدعوة وأئمة الهدى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أتباع الصحابة من التابعين وأتباع التابعين وأئمة الهدى ساروا على الطريق كما تقدم وصبروا في ذلك، وانتشر دين الله وعلت كلمته على أيدي الصحابة ومن تبعهم من أهل العلم والإيمان من العرب والعجم من هذه الجزيرة جنوبها وشمالها ومن غير الجزيرة من سائر أرجاء الدنيا، ممن كتب الله له السعادة ودخل في دين الله وشارك في الدعوة والجهاد وصبر على ذلك وصارت لهم السيادة والقيادة والإمامة في الدين بسبب صبرهم وإيمانهم وجهادهم في سبيل الله عز وجل وصدق فيهم قوله سبحانه فيما ذكر في بني إسرائيل {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} صدق هذا في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفي من سار على سبيلهم صاروا أئمة وهداة ودعاة للحق وأعلاما يقتدى بهم بسبب صبرهم وإيقانهم.