للحق يسمى حكمة كما تقدم ومن ذلك الحكمة التي تكون في فم الفرس سميت بذلك لأنها تمنع الفرس من المضي في السير إذا جذبها صاحبها بهذه الحكمة.
فالحكمة كلمة تمنع من سمعها من المضي في الباطل وتدعوه إلى الأخذ بالحق والتأثر به والوقوف عند الحد الذي حده الله عز وجل. فعلى الداعية إلى الله عز وجل أن يدعو بالحكمة ويبدأ بها ويعنى بها. فإذا كان المدعو عنده بعض الجفاء والاعتراض دعوته بالموعظة الحسنة بالآيات والأحاديث التي فيها الوعظ والترغيب والترهيب فإن كان عنده شبهة جادلته بالتي هي أحسن ولا تغلظ عليه بل تصبر عليه ولا تعجل ولا تٌعنّف بل تجتهد في كشف الشبهة وإيضاح الأدلة هكذا ينبغي لك أيها الداعية أن تتحمل وتصبر ولا تشدد لأن هذا أقرب إلى الانتفاع بالحق وقبوله وتأثر المدعو وصبره على المجادلة والمناقشة وقد أمر الله جل وعلا موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون أن يقولا له قولا لينا وهو أطغى الطغاة قال الله جل وعلا في أمره لموسى وهارون:{فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وقال الله سبحانه في نبيه محمد عليه الصلاة والسلام: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} . الآية.. فعلم بذلك أن الأسلوب الحكيم والطريق المستقيم في الدعوة أن يكون في ذلك حكيما في الدعوة بصيرا بأسلوبها لا يعجل ولا يُعنّف بل يدعو بالحكمة وهي المقال الواضح المصيب للحق من الآيات والأحاديث وبالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن هذا هو الأسلوب الذي ينبغي لك في الدعوة إلى الله عز وجل.