وطغى هذا المفهوم ((العلماني)) على ميدان الإرسال الإذاعي فتلك برامج دينية وهذه برامج غير دينية وهذا رجل دين وهذا ليس برجل دين. ولا يغيب عنا جميعا أن الإسلام ليس وقفا على رجل يعرف بأنه رجل دين وليس كذلك وقفا على برنامج دون آخر إعلامي أم ثقافي أم ترفيهي. فروح الإسلام يجب أن ترفرف على برامج الإذاعة كلها مهما اختلفت أشكالها وتعددت أغراضها.
لقد وقعت كثير من البلدان الإسلامية ردحا من الزمن تحت سيطرة الاحتلال الأجنبي الذي سمى نفسه استعمارا. لكي يوهم أممنا الإسلامية أنه ما جاء إلا لدفع عجلة العمران وهو في الحقيقة جاء ليستنزف خيراتها ويبدل عقائدها.
الإعلام المقنع:
ورحل المحتل عن بلادنا الإسلامية بجيشه وعتاده وأبقى لنا العديد من ضلاله وأوهامه وعقائده الفاسدة التي تضعف من روح الإسلام وأهله والتي ظل يمدها عن طريق إذاعاته الموجهة. إن الإذاعات الموجهة سلاح ماض استغلته اليوم جميع الدول التي تسعى إلى تحقيق مناطق نفوذ، ((فهتلر)) مثلا منذ توليه السلطة عام ١٩٣٣ أنشأ شبكة ضخمة للإرسال الإذاعي الموجه إلى أوربا وإمريكا وإفريقيا وأستراليا بهدف التأثير على هذه البلاد ثم اهتمت إيطاليا كذلك بالإذاعات الموجهة، ونافستها في ذلك بريطانيا التي أخذت تعنى عناية فائقة بهذا الضرب من الإذاعات ثم أسهمت الولايات المتحدة الإمريكية والإتحاد السوفيتي بنصيب وافر في هذا المضمار.
والتزمت هذه الإذاعات بالواقع الإعلامي المقنع إذ تختار الأخبار والأفكار شبه الموضوعية مع حذف ما يريدون حذفه في دهاء وصياغة إعلامية لا يدركها المستمع بيسر وربما خلع عليها صفة الحياة.
فكانت جميع البرامج والأخبار تحررها مراكز التوجيه مع مراعاة الطابع الموجه لكل بلد من البلدان، والمهم عندها هو اجتناب الكذب الذي يسهل اكتشافه.