للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى: يا للغفلة! ومتى كان هذا العلج من الأوفياء!.إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

ابن رضوان: ولكن قومنا أبدا يلدغون.

ابن زائدة: ثم لا يستيقظون ...

موسى: ألم يعاهد صاحب (مالقة) من قبل، حتى أسلم إليه قذفه في الجب.. ثم ساق السكان أرقاء إلى أشبيلية، حيث سلخوا من دينهم، وسلبوا أبناءهم، وذللت أعناقهم للسياط والمحارق؟!.. شدة ما تكذبون أبصاركم وتصدقون آذانكم.. يا معشر الغرناطيين.. حسبكم ما فرطتم من قبل.. إن دماء آباءكم وأشلاء شهدائكم تستصرخكم لإيثار الكرامة، فلا تصغوا لوسوسة الباطل، ولا تسموا الجبن حكمة.

الشيخ لقد استخرنا الله، ولن ندعو الناس إلى الموت، وهناك أمل في الحياة.

القاضي لو سمعت يا موسى أنين الأطفال، وقد حطمهم الجوع على أحضان أمهاتهم أعدلت موقفك.

موسى: (يتهدج صوته من الألم) واكبدا لأحفاد الفاتحين يتجرأ عليهم الجوع، ويفتحون أعينهم على أشد أيام الدنيا!..

الشيخ: ذلك حصاد الماضي من أيام ملوك الطوائف..

الشيخ الآخر: بئس الغواة!..أفسدهم الترف غرتهم بهارج الدنيا..

ابن زائدة: واستنفدوا قواهم في النزاع الداخلي على المجد الكاذب، حتى أسلمونا لهذه الكوارث.

القاضي: ليتهم يبعثون اليوم ليروا ثمار ضلالهم ...

الملك: حسبهم عذاب الله..

ابن رضوان: ولعنة الأجيال ...

الشيخ: ولكن هذا كله لن يجدي أطفال غرناطة شيئا.

موسى: وا لهفا على أطفال غرناطة!..من حقكم أن تحاولوا إنقاذهم، ولو بحبال الوهم، أما أنا فخير لي أن أحصي بين الذين سقطوا دفاعا عنهم ...

ابن زائدة: ذلك والله أحرى بالنفوس العزيزة..

ابن رضوان: واسعد للقلوب المؤمنة..

موسى: وأليق بشهامتكما. فلنستقبل الموت معا كما استقبلنا الحياة.

ابن زائدة: إني تلميذك البار، ومعاذ الله أن أفارقك.

ابن رضوان: لا قوة تحرمني نعمة الشهادة في صحبتك يا قائدي..