وقال ابن القيم أيضا في ((إعلام الموقعين)) : "وأي وصمة أعظم من أن يكون الصديق أو الفاروق أو عثمان أو علي أو ابن مسعود أو سلمان الفارسي أو عبادة بن الصامت وأحزابهم رضي الله عنهم قد أخبر عن حكم الله أنه كيت وكيت في مسائل كثيرة وأخطأ في ذلك ولم يشتمل قرنهم على ناطق بالصواب في تلك المسائل حتى نبغ من بعدهم فعرفوا حكم الله الذي جهله أولئك السادة وأصابوا الحق الذي أخطأه أولئك الأئمة.. سبحانك هذا بهتان عظيم.."انتهى.. المقصود من كلامه رحمه الله تعالى.
وإذا علم هذا فنقول أي إزراء بالصحابة وأي وصمة عليهم أعظم من أن يقال إن مرتبة البخاري في العلم تفوق مراتب الصحابة فيه. سبحانك هذا بهتان عظيم.
وقد تقدم عن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على من فضله على أبي بكر رضي الله عنه وضربه ضربا شديدا وقال:"خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر فمن قال سوى هذا فهو مفتر عليه ما على المفتري". وتقدم عن علي رضي الله عنه أنه قال:"لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري".
وإذا كان الذي يفضل عمر على أبي بكر أو يفضل عليا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم يعد مفتريا ويجلد حد المفتري ثمانين سوطا فكيف بمن فضل البخاري على أبي بكر وعمر عثمان وعلي وسائر الصحابة في العلم الذي هو رأس الفضائل وأكملها وأشرفها فهذا أولى أن يوصف بالافتراء وإن يعامل معاملة المفتري.
ويقال أيضا: إن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين حفظوا القرآن والسنة وبلغوهما إلى الناس فكل الناس بعدهم أتباعهم لهم وعيال عليهم في علم الكتاب والسنة. وقد كان للصحابة رضي الله عنهم من البصيرة النافذة في علم الكتاب والسنة ما ليس لمن بعدهم.