فالأول سلطة تعطى للشخص على شيء، والثاني سلطة تعطى للشخص على شخص آخر، وبناء على ذلك كانت سلطة الدائن على المدين سلطة واسعة يدخل فيها حق الإعدام، وحق الاسترقاق، وحق التصرف، ثم ظهر فساد هذه النظرية فلجأوا إلى تخفيف السلطة حتى صارت مقصورة على التنفيذ الذي يقول به القانون المدني وهو حبس المدين مثلا، ثم صار التنفيذ على مال المدين لا على شخصه، بالحجز مثلاً وأصبح للالتزام منذ عهد الرومان مظهران: مظهر باعتباره رابطة شخصية فيما بين الدائن والمدين، ومظهر باعتباره عنصراً مالياً يقوم حقاً لذمة الدائن ويترتب في ذمة المدين، وعلى ذلك ظهر فساد نظرية الالتزام ففسرت هذا التفسير حتى تكون لها ناحية شخصية وناحية مالية، فأدى ذلك إلى أن ينشأ اختلاف في الالتزام فنشأ مذهبان: أحدهما يغلب الناحية الشخصية للاحتفاظ بالنظرة الأصلية للقانون الروماني، وهذا ما سارت عليه التقنينات اللاتينية والآخر يغلب الناحية المالية ويجردها من الناحية الشخصية ويتحرر من القانون الروماني، وهذا هو ما سارت عليه التقنينات الجرمانية، وبذلك صارت نظرية الالتزام تفهم فهماً شخصياً عند اللاتينيين، ويترتب على هذا الفهم عدم لحاق المال والاقتصار على الشخص، ولذلك لم يجيزوا حوالة الدين وأخذ بذلك القانون الفرنسي القديم.
وصارت نظرية الالتزام تفهم فهماً مادياً عند الجرمانيين ويترتب على هذا الفهم لحاق المال وليس الشخص، ولذلك أجازوا حوالة الدين فكان في الالتزام مذهبان: