أما معناها في الشرع: فأحسن ما عرفت به وأجمعه تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: "العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
كما أشار رحمه الله إلى أن العبادة لا تتحقق بوجود العنصر اللغوي، وهو الخضوع والطاعة، بل لابد من إضافة عنصر آخر لتحققها وهو حب العبد ربه المعبود ولذلك قال:"فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له... ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابدا له.
شمول العبادة
يتضح من تعريف شيخ الإسلام السابق للعبادة أنها شاملة لحياة الإنسان كلها، فكل ما يحبه الله ويرضاه عبادة، فهي شاملة لأصول الإسلام وفروعه، فرضه ونفله، ما يتعلق بالله وما يتعلق بالعبد نفسه وما يتعلق بغيره من المخلوقين.
وهي العبادة التي ترسم للإنسان منهج حياته وتحد سلوكه وعلاقته بالخالق أو المخلوق فلا يتصرف إلا وفق تلك التوجيهات أكان ذلك في الشعائر التعبدية أو في سياسة الأمة في الحكم أو المال أو التعليم والإعلام، أو غير ذلك من شؤون المعاملات في السلم والحرب، داخلياً وخارجيا، محليا ودوليا، وهذا المعنى هو الذي أراده سيد قطب رحمه الله في كتابه "معالم في الطريق" عندما قال: "لا إله إلا الله منهج حياة".
والخلاصة أن كل عمل نافع يعتبر في الإسلام عبادة حتى الأعمال المباحة تنقلب عبادة إذا قصد بها وجه الله، ولذلك قال أحد الصحابة: "والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"أي إني أرجو من الله الأجر على نومي كما أرجوه الأجر على قيام الليل..
وقد دل القرآن الكريم على أن المسلم كله لله كما قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} .