فهذا الحديث الشريف يصور لنا واقع المرأة المرير في الجاهلية، ومدى الإهانة التي كانت تعيش فيها، ثم أكرمها الله تعالى، وأعزها بنعمة الإسلام الخالدة، وأعطاها حقوقها المشروعة كاملة دون شطط، ولا نقص، رحمة بها، وشفقة عليها، ولأول مرة في التاريخ الإنساني الطويل نالت المرأة ما نالت من عز مفقود، واحترام متزايد، ومنزلة سامية كريمة، وكانت حال المرأة الغربية في الجاهلية أدهى وأمر من حال المرأة العربية وغيرها، ولقد سعى الأعداء جاهدين إلى إخفاء مزايا الإسلام منذ أول يوم جاء فيه يخرج الإنسانية الضائعة من ظلام دامس إلى نور الحرية الحقيقية، وإلى مبادئ عادلة، وعالية رفيعة مثالية لم تشهدها الإنسانية في جميع العصور، فوضع هؤلاء الأعداء بمكرهم الخبيث وحيلهم الماكرة، وطرقهم الملتوية تلك المناهج البالية الخبيثة في التربية والثقافة التي لم تتفق أبدا بحال من الأحوال مع فطرة الإنسان الحر الكريم، نعم تلك المناهج التي تكلم عنها مفكرو المسلمين حديثا وقديما، وعلى رأسهم الدكتور محمد إقبال المفكر الإسلامي الكبير فكشف عن خباياها، وزواياها، تكلم عنها بتفكير عميق، وإطناب مفيد، في كتبه، ورسائله، ومقالاته، ونبه الأمة الإسلامية إلى ما خططه الغرب المادي من تخطيط خطير، من السيطرة التامة على العالم الإسلامي من جميع النواحي الحساسة، نعم كانت تلك المناهج التعليمية والتربوية التي وضعها الغرب لإفساد المسلمين، وتحطيم قواهم الفكرية الإسلامية سببا أساسيا لفساد المرأة والشباب، وانحطاطهم خلقيا، واجتماعيا، وثقافيا وفكريا حملت تلك المناهج في طياتها نارا تحرق الأجسام والضمائر والقلوب في شكل خطير لا يحس به أحد إلا من عصمه الله تعالى، مما يجري في الجامعات والكليات في بلاد المسلمين وغيرها تلك الجامعات التي تسير على نظام الاختلاط بين الجنسين حيث جردت المرأة من لباسها وحيائها، وأنوثتها في ضوء هذا النظام المادي اللعين فصب عليها من