وقال صاحب العون: والحديث فيه دلالة على أنه ليس الوجه والكفان من العورة فيجوز للأجنبي أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية، وكفيها عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو ما دونه، أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة، ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق قاله ابن رسلان، ويدل على أن الوجه والكفين ليستا من العورة قوله تعالى: في سورة النور {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، قال في تفسير الجلالين وهو يعني ما ظهر منها الوجه والكفان، فيجوز نظره لأجنبي، إن لم يخف فتنة في أحد الوجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة، ورجح حسما للباب انتهى- وقد جاء تفسير قوله تعالى:{إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوجه والكفين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أخرجه ابن أبي حاتم، والبيهقي، وأخرجه إسماعيل القاضي عن ابن عباس مرفوعا بسند جيد، قال المنذري: في إسناده سعيد بن بشير أبو عبد الرحمن النصري، نزيل دمشق مولى بني نصر، وقد تكلم فيه غير واحد، وذكر الحافظ أبو بكر أحمد الجرجاني هذا الحديث وقال: لا أعلم رواه عن قتادة غير سعيد بن بشير، وقال مرة فيه عن خالد بن دريك عن أم سلمة بدل عائشة. انتهى كلام صاحب العون بلفظه.
قال العبد الفقير: أخرج هذا الحديث الإمام البيهقي في السنن الكبرى من هذا الوجه في موضعين [٩] ونقل الإمام البيهقي إرساله عن الإمام أبي داوود، وأورده الإمام ابن كثير في تفسيره [١٠] وقال في نهاية الحديث قال أبو داوود، وأبو حاتم الرازي هو مرسل خالد ابن دريك لم يسمع من عائشة رضي الله تعالى عنها. والله أعلم أهـ.