قلت: وهذا الحكم عام لجميع المسلمات المؤمنات دون تخصيص أمهات المؤمنين به، قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم} الآية، ثم قال جل وعلا:{قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ} ، وقال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} ، ولقد عرفنا إن شاء الله تعالى خلال سرد هذه الآيات الكريمات أن الحكم عام لا يختص بأمهات المؤمنين كما نص القرآن الكريم، ولقد أخطأ العلامة القاضي عياض في كتابه ((الشفا في حقوق المصطفى)) إذ قال رحمه الله تعالى: إن هذا الحكم خاص بأمهات المؤمنين وقد رد عليه الحافظ في الفتح إذ قال: قال القاضي عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز الخ... فرد عليه الحافظ إذ قال: وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه، ثم أطال الحافظ الكلام على القاضي عياض [٣٣] .
قلت: دعوى الاختصاص لم تدعم بدليل من الكتاب والسنة، بل ظاهر الكتاب والسنة يخالفانها كما سبق.