للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو عبيدة: السمود الغناء بلغة حمير، يقولون: يا جارية اسمدي لنا أي غني لنا، وكانوا إذا سمعوا القرآن غنوا تشاغلا عنه. وقيل السمود الاستكبار من سمد البعير إذا رفع رأسه، وقيل هو الجمود والخشوع. قال الشاعر:

رمى الحدثان نسوة آل حرب

بأمر قد سمدْن له سمودا

فرد شعورهن السود بيضا

ورد وجوهن البيض سودا

{فَاسْجُدُوا} فصلوا أو خروا له على وجوهكم عند سماع هذه الآية على أن المراد به سجود التلاوة.

{وَاعْبُدُوا} أي أفردوه بالعبادة ولا تذلوا أنفسكم لأحد سواه.

التراكيب:

قوله: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُُولَى} الإشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم الموصوف بعنوان صاحبكم في أول السورة، ونذير على هذا اسم فاعل من أنذر وهو غير قياسي إذ القياس فيه منذر. ووصف النذر بالأولى على معنى الجماعة وإلا فإنه كان مقتضى الظاهر أن يقول الأول، ويجوز أن تكون الإشارة راجعة إلى القرآن، ونذير مصدر بمعنى الإنذار وهو من أنذر وهو غير قياسي أيضا بل القياس فيه إنذار، والتنوين في نذير للتفخيم، ومن متعلقة بمحذوف وهو نعت لنذير.

وقوله: {أَزِفَتِ الآزِفَةُ} قيل اللام في الآزفة للعهد لا للجنس لئلا يخلو الكلام عن الفائدة لأنه لا معنى لوصف القريب بالقرب، وقيل لا مانع أن تكون للام للجنس، ووصف القريب بالقرب يفيد المبالغة في قربه.

وقوله: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} يجوز أن تكون كاشفة وصفا، والتأنيث فيه لأجل أنه صفة لمؤنث محذوف أي نفس كاشفة، أو التاء للمبالغة كنسابة، أي ليس لها إنسان كاشفة أي كثير الكشف، والأول أقرب، ويجوز أن تكون كاشفة مصدرا كالعاقبة، ومعنى الكشف هنا إما من كشف الشيء أي عرف حقيقته كقوله لا يجليها لوقتها إلا هو، وإما من كشف الضر أي أزاله.