للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إن الدين يمكن أن يعتبر طريقة من الطرق التربوية التي تتناول كلا من الجوانب الروحية والخلقية، وكذلك الجانب الاجتماعي أيضا.

"ليس بإمكان الفرد أن يستغني عن الجانب المعنوي في الحياة، ولذلك فإن الدين يمكن أن يقدم خدمة في هذا المجال كوسيلة لتهذيب النفس ورفع مستوى الروادع الأدبية، وغرس نوازع الخير، والابتعاد عن الشر، وهذا كله يعتمد بالدرجة الأولى على تنمية الحس الوجداني في السجين وإيقاظ ضميره، وتقوية شعوره بالمسؤولية نحو الغير"اه

إذن فإن من الأمور البديهية: أن الدين يعمل على صحة النفس كما يعمل الغذاء صحة الجسد، والنفس الصحيحة تصدر عنها أخلاق صحيحة أيضا، كما أن الجسد الصحيح يصدر عنه عمل صحيح. ولا يستقيم أحدهما بدون الآخر.

إن القوي الذي يفعل ما يشاء ليس بصحيح، لأن النفس الصحيحة لا تنطلق كما تنطلق الآلة التي تملؤها قوة البخار، أو قوة الكهرباء، فتصطدم وتهشم، وتخبط خبط عشواء حيث تحملها القوة العمياء.

وعلى هذا فلا صحة بدون ضابط ولا يكون الضابط فعالا ومؤثرا غلا إذا كانت فيه القوة على تنمية القدرة على الامتناع، ورد النفس عن بعض ما تشاء، وليس معناه القدرة على العمل فحسب، ولا المضي مع النفس في كل ما تشاء.

وقد دل الواقع العملي على أن الدين هو من أقوى الضوابط للإنسان، ومن أشدها إحكاما للتصرف، ومن أعمقها تنمية للانضباط.

وإذا انضبط الإنسان فقد أصبح مخلوقا جميلا، يعلم ما يريد فيفعله، ويعرف ما يكره فيرفضه.

وعن انضباط الإنسان يقول الأستاذ العقاد رحمه الله [١٢] : "وهذا قبل كل شيء هو مصدر الجمال في الأخلاق: مصدره أن القوة النفسية أرفع من القوة الآلية. . مصدره أن يتصرف الإنسان كما يليق بالكرامة الإنسانية، ولا يتصرف كما تحمله القوة الحيوانية، أو القوة التي يستسلم لها استسلام الآلات.