- أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال: إذا اشترى جارية ووجدها مغنية كان له ردها بالعيب ذلك – أيها الناس – في الجارية بعيبها وهو مذهب أهل المدينة إلا إبراهيم بن سعد.
- أما مذهب أبي حنيفة فإنه يكره الغناء، ويجعل سماعه من الذنوب وهو مذهب سائر أهل الكوفة بإجماع ولا يعرف لأهل البصرة خلاف في ذلك إلا ما روي عن أبي الحسن العنبري.
- وأما مذهب الشافعي فقال: الغناء مكروه يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته.
- وذكر ابن الجوزي عن إمامه ابن حنبل ثلاث روايات: قال: وقد ذكر أصحابنا عن الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء وإنما أشاروا إلى ما كان في زمانهما من شعر الزهد قال.. وعلى هذا يحمل ما لم يكرهه الإمام أحمد.. ويدل عليه أنه سئل عن رجل مات وخلف ولدا وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال: تباع على أنها ساذجة لا على أنها مغنية فقيل له: إنها تساوي ثلاثين ألفا ولعلها عن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألفا؟ فقال: لا تباع إلا على أنها ساذجة قال ابن الجوزي: وإنما قال أحمد هذا لأن هذه الجارية المغنية لا تغني بقصائد الزهد بل بالأشعار المطربة المثيرة إلى العشق وإني ههنا لأسترعي انتباه القارئ على ما ذكر بعد من كلام ابن العربي من سماع القينات فلا ستكمل كلام أبي الفرج في قول القرطبي وهذا دليل على أن الغناء محظور إذ لو لم يكن محظورا ما جاز تفويت المال على اليتيم.
- قال الطبري: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد والعنبري وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالسواد الأعظم ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية" وأورد أبو الفرج قول القفال برد شهادة المعني والرقاص.