وعقيدة الإسلام واحدة لدى كل المسلمين في شرق الأرض وغربها، وشمالها وجنوبها، تجتمع عليها قلوبهم. وتحفظها عقولهم. وتستيقنها نفوسهم، ووحدة العقيدة، جددت بين المسلمين، ما مضى من قرابة الدم القائمة بينهم.
وإذا كانت أبوة آدم عليه السلام، أبوة مادية، تجمع بين الأمة الإسلامية. وتوحد بينها في الأصل، فإن العقيدة الإسلامية، هي أبوة روحية. ترجع إليها فروع المؤمنين. والحق أن المؤمن حينما يستشعر جلال هذا الأصل الروحي، الذي يجمعه وإخوانه المؤمنين، في مشارق الأرض ومغاربها إلى جانب الأصل المادي الذي يرجعه معهم على أبوة واحدة. فإنه حينئذ يشعر أنه إنما يحيا بإخوانه، ويحيا لهم ويحس كأنه غصن من أغصان شجرة عظيمة، يحيا بحياتها ويموت بموتها [٢٤] .
وإن رابطة العقيدة في الإسلام – وهي رابطة في المبادئ والمثل العليا والقيم الرفيعة – من أقوى عوامل التقدم والازدهار.
وتلك التعاليم هي أعلى وأقوى من رابطة الدم. والنسب، والمساكنة، في الوطن. والمشاركة في القومية. وهذا الأساس هو المنطلق الوحيد، للخروج من قوقعة الأنانيات الفردية، والقبلية والقومية. إلى صعيد اللقاء الإنساني. على أساس المبادئ. مبادئ الحق، والعدل، والخير، وفي هذا الإطار التربوي النفسي ذاته، عالج الإسلام النفس الإنسانية إعدادا لها، لتحقيق المعارف، والتعاون.
فعالج آفاتها وأمراضها الحائلة دون التعاون. كالحقد والحسد والغل، التي تثيرها دوافع النفعية للذات الفردية أو القبلية أو القومية [٢٥] .