قراءة الرفع فهو مبتدأ أو خبره خلقناه والمبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن. وعلى هذا فكل من قراءة الرفع والنصب يثبت القدر الذي يجب الإيمان به. والتقدير على قراءة النصب إنا خلقنا كل شيء خلقناه حالة كونه متلبسا بتقديرنا. والتقدير على قراءة الرفع إنا كل شيء مخلوق لنا حالة كونه متلبسا بتقديرنا.
وقوله:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} استئناف لبيان حسن حال المؤمنين عقيب بيان سوء حال الكافرين على سبيل الترهيب والترغيب. وقوله:" في مقعد صدق " في محل رفع خبر ثان لإن. والإضافة في مقعد صدق من إضافة الموصوف إلى صفته. وقوله:" عند مليك مقتدر " في محل رفع خبر ثالث لـ"إن". ومن تمت له هذه الخصال فقد كملت له الآمال.
المعنى الإجمالي:
والله لقد أتى قوم فرعون الإنذارات والتحذيرات على لسان موسى وهارون. لم يصدقوا بالخوارق التسع جميعها، فأهلكناهم إهلاك قوي غالب قادر لا يعجزه شيء, أكفاركم يا قريش أقوى وأشد وأعظم مكانة في الجناية من هؤلاء المكذبين المذكورين الذين دمرناهم؟ بل ألكم عهد بالنجاة في الكتب الإلهية.بل أيقولون نحن يد واحدة لا نرام ولا نضام ولا نغلب. ستدحر جماعتكم ويضرب المسلمون ظهورهم يعني يوم بدر.
بل لكم الويل يوم القيامة، ولعذاب القيامة أعظم داهية وبلية وأشد مرارة.
إن المشركين في حيرة وجنون أو نيران متقدة يوم يجرون في النار على وجوههم يقال لهم اختبروا طعم إصابة سقر وأحسوا بهل وقاسوا حرها. إنا أوجدنا كل شيء أوجدناه بتقدير منا وعلم سابق لوجوده. وما أمرنا لشيء نريد إيجاده إلا بكلمة واحدة كإشارة بالعين في السرعة وهي كن فيكون. ووالله لقد دمرنا أشباهكم وأمثالكم في التكذيب فهل من متعظ موجود. وكل شيء يعمله هؤلاء مكتوب في كنب الحفظة. وكل صغير وكبير من العمل مكتتب في اللوح المحفوظ.