ولقد ذكرت المصادر أن الباقلاني كان في علمه أوحد زمانه، وانتهت إليه الرياسة في مذهبه، وكان موصوفا بجودة الاستنباط وسرعة الجواب, كثير التطويل في المناظرة.. أكسبته عقليته الفذة منزلة رفيعة، ومكانة مرموقة على المستوى العلمي والرسميّ.
"جرى يوما بينه وبين أبي سعيد الهاروني مناظرة، وأكثر القاضي أبو بكر فيها الكلام، ووسع العبارة، وزاد في الإسهاب، ثم التفت إلى الحاضرين وقال: "اشهدوا علي أنه إن أعاد ما قلت لا غير.. لم أطالبه بالجواب.."فقال الهاروني: اشهدوا عليّ أنه إن أعاد كلام نفسه سلمت له ما قال"[٨] .
شيوخه ومعاصروه:
تلمذ الباقلاني على مجموعة من العلماء كان لهم أكبر الأثر في تغذية عقليته، وصقل موهبته، وتنوع اهتماماته العلمية, منهم:
ابن مجاهد الطائي, وعنه أخذ علم الكلام والفقه المالكي وأصوله.
والشيخ الصالح أبو الحسن الباهلي الذي أخذ عنه علم الأشعري.
ومحمد الأبهري المالكي، والحسين النيسابوري، وأبو بكر بن مالك، وأبو محمد بن ماسي، والقطيعي وغيرهم من أعلام القرن الرابع الهجري في الدين والشريعة [٩] .
كما عاصر الباقلاني مجموعة غير قليلة من العلماء النابهين الذين كان لهم شأنهم في تيار الثقافة الإسلامية, من هؤلاء: إبراهيم بن محمد الإسفراييني (توفي سنة ٤١٨هـ) , وأبو بكر محمد بن الحسن فورك "توفي سنة ٤٠٦هـ"وغيرهما من الأعلام الذين شهد لهم بالمقدرة العلمية. وقد وصفهم الصاحب ابن عباد بقوله:"ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صل مطرق [١٠] والإسفراييني نار تحرق."