للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: بلى, ولكن ذكرّني وبصّرني بما أعطاك الله, وأفاض عليك, قال: سأفعل, ولكن لا تقاطعني حتى أتمّ هذه القطرات واللقطات, من أضواء الإيمان، ونبضات البيان.

قلت: هذا وعد وعهد.

قال: الآن أكمل ما بدأت فأعرني سمعك, والتفت إليّ بوجدانك, وها هي ذي كلماتي تسعى إليك.

أما كيف كنت أوّل شيء خلقه الله, فسأتلو عليك ما قيل في ذلك: فقد قال الوليد بن عبادة بن الصامت: أوصاني أبي عند موته فقال: يا بُنَيَّ اتق الله, واعلم أنك لن تتّقي, ولن تبلغّ العلم, حتى تؤمن بالله وحده, والقدر خيره وشره, سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أوّل ما خلق الله القلم, فقال له: أكتب, فقال: يا رب وما أكتب؟ فقال: أكتب القدر, فجرى القلم في تلك الساعة، بما كان، وما هو كائن إلى يوم الأبد" [١] .

وهكذا أراد الله أن أسجل كلَّ شيء كما أمرني الله.

وقد روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس أنه كان يحدث أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أوّل شيء خلقه الله القلم فأمره فكتب كلّ شيء" [٢] .

وهكذا تحرّكت أول ما تحركت بقدر الله, وجريت أول ما تلألأ النور في منيَّ بما أمر الله, فكانت قطرات الضوء الأولى حين خلقني الله قدرا وأمرا, فكنت غامر السعادة بيِّنَ الجلال والكمال.