٢- سوء فهم بعض الباحثين العرب لموقف الإسلام من الشعر، ذلك أنهم زعموا أنّ القرآن يعادي الشعر، ويكره الشعراء، وأن الإسلام لا يرضى عن الفن الشعري، ويذم المشتغلين به، مستندين إلى ظاهر آية الشعراء {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}[١] متناسين سياق هذه الآية الكريمة، وأنّ الإسلام لا يحارب الشعر والفن لذاته، بل يحارب المنهج الباطل الذي سلكه الشعراء الذين عارضوا هذا الدين، ولم يؤمنوا به حين دعاهم داعي الإيمان، بدليل هذا الاستثناء {إلأَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[٢] فهؤلاء لا يشملهم هذا الوصف العام من الذم، وإلا فهل يستوي عبد الله ابن الزِّبعري، وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب اللذان كانا يهجوان رسول الله صلى الله عليه وسلم في جاهليتهما قبل إسلامهما، وحسّان بن ثابت، وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم من شعراء الأنصار الذين مدحوا الرسول صلى الله عليه وسلم، ونافحوا عن دعوته؟
٣- أنّ بعض الدارسين من النقاد العرب لم يدركوا نظرة الأصمعي الفاحصة إلى شعر حسان بن ثابت في الإسلام التي تقول:"إن هذا الشعر قد لاَنَ؛ لأن الشعر نِكدٌ لا يقوى إلا في الشر، فإذا دخل في باب الخير ضعُف.."، إذ رتَّبُوا على ذلك حكماً خاطئاً مفاده: أنّ الإسلام كان وراء ضعف الشعر في الصدر الأول عصر النبوة، فإذا ما قست هذا الشعر بشعر الفحول الجاهليين، أو قسته بشعر الفحول الأمويين تجده دونهما: قوة ومتانة، فقد ضعف كمّاً وكيفاً!! هكذا قالوا، وما زالوا يقولون!!.