٢٤ـ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. آخى بين المهاجرين والأنصار على أساس من آصرة الإسلام.. وليس على أساس أي آصرة أخرى.. آخى بين بلال بن رباح وخالد بن رويحة الخثعمي، وبين مولاه زيد وعمه الحمزه بن عبد المطلب، وبين خارجة بن زيد وأبي بكر الصديق، وبين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان..
ولما أراد أحد المسلمين أن يثيرها عصبية ونادى.. يا للأنصار.. فنادى الآخر يا للمهاجرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غاضباً:"أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم..! "وفي حديثه صلى الله عليه وسلم أكد المعنى فقال: " ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية..".
وكان من آخر وصاياه يوم حجة الوداع.. "كلكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض.. إلا بالتقوى!! ".
٢٥ـ وعلى عهد الراشدين رضوان الله عليهم ضمت أرض الإسلام أكبر إمبراطوريتين على وجه الأرض.. الروم والفرس.. فما فضل عربي.. على عجمي لعروبته أو جنسه أو لونه.. إنما كان الفضل بعد التقوى للعمل الصالح.. والعمل الصالح وحده، وعرفت علوم الإسلام في فروعها المختلفة.. فقهاء وعلماء من الأمصار ليس فيهم من العرب إلا النزر اليسير [٢٥] .
٢٦ـ وفي الحديث.. عرفت أوربا فكرة القومية.. ثم صارت متخلفة عن العصر.. تشير إلى القرن الثامن عشر أو التاسع عشر.. وصارت دعواها بذلك دعوى رجعية لكن الأمة العربية ابتليت بها..
عرفت: مشيل عفلق زعيما لحزب البعث العربي الاشتراكي
وأنطوان سعادة زعيما للقوميين السوريين
وجورج حبش زعيما للقوميين العرب
وقسطنطين زريق أحد الزعماء الآخرين..! [٢٦] .
وهكذا لم تعرف القومية العربية زعيما ممن يحمل أسماء المسلمين إلا.. واحداً لا يزال عمله في ذمة التاريخ.. [٢٧]