وقد صدر هذا الكلام من النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} . وقد عرف حبهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم وفداؤهم له بالنفس والنفيس، وكان حبا لا نظير له في تاريخ الديانات والرسالات، وفي تاريخ الحب والطاعة العالمي، وكان تفسيرا للحديث المشهور"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وولده والناس أجمعين " وجاء في بعض الروايات من نفسه ولكن كل ذلك لم يمنعهم كم التساؤل أو الإستيضاح فإن ظاهر الكلام كان ينافي ما فهموه من تعليم الإسلام وما شاهدوه من تربية الرسول وأخلاقه، وما آمنوا به من مبدأ الإنصاف والمساواة وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} وقوله تعالى {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} . فقالوا يا رسول الله، هذا نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ هنالك فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسيرا يتفق مع تعاليمه السابقة الدائمة فقال " تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه [٢] ".
هنالك إقتنع الصحابة رضي الله عنهم، وشفيت صدورهم، فازدادوا إيمانا على إيمان، وهو مثال بليغ رائع من أمثلة الوعي الإيماني العقلي الذي كان شعارا لصاحبة الرسول صلى الله عليه وسلم والصدر الأول.