للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم تكن دعوة الأنبياء إلى الإيمان بالآخرة أو الإشادة بها كضرورة خلقية أو كحاجة إصلاحية لا يقوم بغيرها مجتمع فاضل ومدنية صالحة فضلاً عن المجتمع الإسلامي. وهذا وإن كان يستحق التقدير والإعجاب ولكنه يختلف عن منهج الأنبياء وسيرتهم ومنهج خلفائهم اختلافاً واضحاً. والفرق بينهما أن الأول منهج الأنبياء إيمان ووجدان، وشعور وعاطفة وعقيدة تملك على الإنسان مشاعره، وتفكيره وتصرفاته، والثاني اعتراف وتقدير وقانون مرسوم وأن الأولين يتكلمون عن الآخرة باندفاع والتذاذ ويدعون إليها بحماسة وقوة وآخرون يتكلمون عنها بقدر الضرورة الخلقية والحاجة الاجتماعية وبدافع من الإصلاح والتنظيم الخلقي، وشتان ما بين الوجدان والعاطفة وبين الخضوع للمنطق والمصالح الاجتماعية.


[١] كما وقع في مصر في عهد جمال عبد الناصر.
[٢]ـ حديث متفق عليه..
[٣]ـ إقرأ القصة بطولها في سنن أبي داود كتاب الجهاد..
[٤]ـ راجع معرفة أسرار الحج ومقاصد الشريعة الإسلامية فيه في كتابنا الأركان الأربعة.
[٥]ـ انظر البحث في هذا الحديث في كتابنا "النبوة والأنبياء ".
[٦]ـ ومن أمثلة هذا التلاعب بالمصطلحات الدينية، أن أستاذا في إحدى جامعات الهند الكبرى، وهو يدرس اللغة العربية وآدابها، ألقى محاضرة في دورة مؤتمر الدراسات الإسلامية الأخيرة قال فيها أن المراد بكمة الصلاة حيث وردت في القرآن مطلقة الحكومة المحلية أو الإقليمية والمراد بالصلاة الوسطى الحكومة المركزية أو الخلافة العامة وكان المقال باللغة العربية، وقد رددت عليه في حينه وقلت في تعليقي عليه أنه تلاعب بالقرآن وبالعقل وتمهيد لفوضى لغوية فكرية، وفتح الباب للإلحاد على مصراعيه، ونالت هذه الكلمة رضا المستمعين وتلقوها بالقبول والاستحسان..