وقد أوجب الله تعالى تبليغ دعوته للناس حيث أمر رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[١] والأمر يفيد الوجوب ومن المعلوم الأصل في خطاب الله لرسوله دخول أمته فيه إلا ما استثنى وليس في هذا المستثنى أمر الله تبارك وتعالى بالدعوة لدينه، فبقى وجوب تبليغ الدعوة على المسلمين كما وجب على رسوله صلى الله عليه وسلم وقد وجه الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى هذا الواجب حيث أمرهم وقال:
" ليبلغ الشاهد منكم الغائب"[٢] ، كما أن طبيعة الإسلام تؤكد هذا الواجب لأنه دين عام خالد يستلزم استمرار الدعوة إليه وتبليغه للناس.
وواجب تبليغ الدعوة جدير في الحقيقة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومواهبه وإيمانه، وإخلاصه، وبعده يجب أن يستمر على نمطه بواسطة دعاة يعدون لحمل الأمانة، وأداء الواجب المطلوب.
وإعداد هؤلاء الدعاة واجب حيث أمر الله بذلك في قوله تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[٣] فبان بذلك أن على المسلمين أن لا يخرجوا جميعا للجهاد في سبيل الله، وإنما عليهم أن يخصصوا من كل جماعة نفرا يخرجون للدعوة، يتحملون المشقة في فقهها، ومعرفة طرق الإنذار بها، قاصدين من هذا الإعداد إرشاد غيرهم والنصيحة لهم أملا في هدايتهم وإيمانهم.