ثامناً دراسة اللغات الأجنبية: تعتبر دراسة اللغات الأجنبية من أهم الدراسات اللازمة للدعاة في العصر الحديث لأن أغلب من توجه إليهم الدعوة من غير العرب كما أن العديد من المؤلفات التي تتعلق بالإسلام إيجاباً أو سلباً كتبت بغير اللغة العربية، وحتى يمكن قراءة كل ما يقال عن الإسلام. ومن أجل تبليغ الإسلام لجميع الناس يجب إحاطة الدعاة بصورة تامة بلغات من سيدعونهم، وهذا واجب بديهي لأن مصادر الإسلام نزلت بلغة عربية وحفظها الله للناس كما أنزلها على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وألزم المؤمنين تبليغ الإسلام على وجه بين واضح ولا يتم ذلك باتحاد اللغة بين الداعية والمدعوين أيا كانت هذه اللغة ولهذا المعنى أرسل الله رسله السابقين إلى أقوامهم بلسانهم حيث يقول تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[٢٠] وبسبب كون القرآن نزل في العرب أولاً كان بلغتهم لأنه لو كان بغير لغة العرب ولطلبوا نزوله بلسانهم ليفقهوه لكن الله تعالى بحكمته أنزله عربياً وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[٢١] ولعل في قوله تعالى {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[٢٢] إنكاراً للاختلاف اللغوي بين الداعية والمدعوين إذ لا يصح أن يكون الكلام أعجمياً والمخاطب به عربياً لأن ذلك لو حدث لاحتاج المخاطبون إلى التفصيل والبيان.
وتحقيقاً لعالمية الإسلام مكن الله للعرب من إتقان لغات العالم كله. ويجب على الدعاة أن يتمكنوا من ذلك دائما، وقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين والدعاة إلى هذا الواجب بما فعله مع الصحابي زيد بن ثابت حيث قال له:"يا زيد أتحسن السريانية؟ إنها تأتيني كتب بها. قال زيد: قلت: لا. قال: تعلمها. فتعلمتها في سبعة عشر يوما"ً [٢٣] .