مما سبق يتضح أن مهمة الداعي الإسلامي أصبحت شاقة وصعبة ودقيقة جداً لأنه يعيش في هذا الجو بنفسه وبأسرته فأينما يوجه وجهه يرى الفساد ويسمعه ويقرأه. وتعرض عليه نماذجه في كل ميدان من ميادين حياته. بل وتقتحم عليه مسكنه وغرقة نومه، وكلها مداخل يتسرب منها اليأس إلى نفسه وضباب يحجب الرؤية الصادقة والصافية عن فكره ما لم يكن مؤمنا قوي الإيمان بالله ذا عزيمة قوية صلبة منح التوفيق والعون من الله. وأعد الأعداء المناسب من قيادته. وكانت عنده الاستعدادت الفطرية والمكتسبة للعمل العظيم الذي يوكل إليه القيام به.
واجب هيئات الدعوة
ومن هنا كان على كل هيئة تنصب نفسها للقيام بالدعوة أو تقوم بها فعلا أن تأخذ في اعتبارها هذه العوامل فتغير من أسلوبها وحركتها وأنظمتها وأساليب تربيتها لدعاتها وإعدادهم إعدادا سليما ودقيقا يتناسب مع البيئة السابق وصفها لتخريج دعاة، عندهم المقدرة لعرض أفكار الإسلام ومبادئه تناسب العصر الذي نعيش فيه. بأساليب تلفت نظر الحيارى من أهل العصر إلى الإسلام بتوضيح أغراضه من غير تعقيد موئس. ولا تزمت منفر. وبلا تفريط أو تساهل يحطم بنيان الإسلام ويؤدي بالدعوة ويجعلها تنماع في مجتمعها وتصبح رسالة شكلية وصورة بلا حقيقة كما عليه أكثر هيئات الدعوة الآن: إسلاميتها عنوان يكتب ووصف يذكر. وليس لها حقيقة تعرف.
فالإسلام يحتاج إلى دعاة يخاطبون الجماهير بما يؤثر فيهم ويلمسون مواضع العلة في نفوسهم وفي مجتمعاتهم ويصفون لهم من أدوية الإسلام وعلاجاته ما يخفف آلامهم ويضمد جراحهم. كما يخاطبون الناس بمقدار ما يفهمون فينزلون ـ إلى مستوى العامة ويرتفعون إلى مستوى المثقفين, فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تخاطب الناس على مقدار عقولهم. ولكل مقام مقال يناسبه.