إن المستوى العقلي الجيد، والذكاء بدرجة واضحة ضروري هنا، ومن المقرر: أن الفطانة من صفات الأنبياء عليهم السلام. فلنتعلم جيداً من قول الله تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ـ الأنعام ١٢٤.
والمستوى الخلقي الممتاز ضرورة فوق كل الضرورات، فالدعوة أمانة لا رقيب على صاحبها سوى ربه وضميره، ومن المقرر كذلك: أن الأمانة من صفات الأنبياء صلوات الله عليهم.
والالتزام الديني بالإسلام فكراً وسلوكاً في كل صغيرة وكبيرة مما يجب تمكينه تمكيناً متأصلا في أنفس الدعاة ومن الخطورة أن نقدم للناس دعاة يقولون ما لا يفعلون أو يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، أو ينهون عن المنكر ولا يتناهون هم عن فعله.
إن الداعية قدوة وشرط القدوة تطابق القول والعمل بعد استقامتها على نهج صحيح.
تربية الداعية دينياً، وتدريبه على تطبيق الإسلام في حياته عملياً، وتزكية نفسه بما يجعلها متأبية على الدنايا، وأخذه أخذاً بما يحصنه ضد فتنة المال وإغراءات الحياة ثم الترقي به ليعيش في المستوى - التجرد - لرسالته مطمئنا ومستعداً للتضحية في سبيلها بكل ما يستطيع.. هذه التربية ضرورية، ولازمة، وبدونها لا يكون هناك معنى للحديث عن دعوة ودعاة:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ـ الأنعام ١٦٢. هذا ما ينبغي أن يكون شعار الدعاة.
هذا الجانب التربوي من الإعداد غائب تماماً الآن في بيئات إعداد الدعاة وكيف ننتظر داعية حقيقياً ألف أن تمر عليه مواقيت الصلاة وهو في قاعات الدرس مثلاً مع أساتذته العلماء دون أن يكون من حوله ما يوحي أن هناك التزاماً بقول الله تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} ـ النساء ١٠٣ ـ ويكفينا هذا المثال.