وقد كان للصراع الفكري أثر في عدة مجالات حتى في ميدان الرياضة كما تجلى ذلك في "مونريال"حيث كان التباري والصراع على أشده بين الفريقين الممثلين للفكرتين للبرهنة على التفوق إحدى الإيديولوجيات على الأخرى. ومعنى ذلك أن الفكرة، كأي إنتاج يجب أن تتجاوز الدعوة إليها الاكتفاء بالبرهنة على صلاحيتها نظريا إلى تقديمها في صورة حضارية ملموسة يعيشها الإنسان ويسعد بها، لأن الفكرة الأكثر تأثيرا وإغراءا أو اطرادا وتنفيرا هي التي يعكسها واقعها الملموس، بقطع النظر بأن يكون هذا الواقع انعكاسا حقيقيا لها أو انعكاسا لاختلال أخلاقي وعقائدي للذين يدعون أنهم أصحابها دون أن تكون هي في الحقيقة مسؤولة عنه، ففرق كبير بين فكرة تقدم وتعرض خلال أمة متماسكة، ودولة أو دول عظيمة ومصانع ضخمة وإنجازات مذهلة في مجالات العلوم والاختراعات والتقدم الاجتماعي والحضاري، ومن خلال الحرص على كرامة الإنسان وأمنه وسلامته، وبين فكرة يدعى لها من خلال أمة أو أمم ممزقة ودول ضعيفة أو عجفاء متناحرة ومجتمعات متخلقة راكدة وإنجازات جبارة ولكن في ميدان التفقير ومصادرة الكرامة الإنسانية بل البشرية وخنق الفكر السليم وتناقضات بين القول والعمل وسيطرة جو من سوء الثقة بين الأفراد والجماعات والرعاة والرعية. فالمقياس المتداول أو المستعمل لاختيار صلاحية الفكرة أو عدم صلاحيتها هو مدى ما حققته لأصحابها من حضارة وما أنجزته في ظلها من نهضة أو تقدم أما المقاييس المثالية والتجريدية والمعتمدة على الاستدلال بالماضي والإشادة بعظمته والوعود بمستقبل غامض فأمور أثبتت أنها فاقدة لأهم عناصر التأثير والإلتفات.
فالرواج الإيديلوجي هو لمن يملك رصيدا ملموسا يؤيد دعوته وهذا بالضبط ما ساعد أعداء الإسلام على اقتحام عقول شبابه ومجتمعاته.