ولكن ثمة معوق خطير يجب الاعتراف به والتنبيه إلى خطورته وهو ذلك التطاحن والصراع السلبي بين بعض الجماعات الإسلامية. مما جعلها مشغولة بانشقاقاتها منصرفة عن رسالتها الأصلية ومهمتها التي من أجلها أسست، ومن المؤسف أن تكون بعض الجماعات مصرة على سلوك هذا السبيل لهدم جماعة أخرى باذلة في سبيل ذلك كثيرا من الجهود والوقت والمال غير ملتفتة لما تبدده من طاقات وما تفوته من فرص وما تبثه من شقاق وما تقدمه لأعداء الإسلام من خدمات جليلة وما تضيعه على المسلمين من خير كثير، بل أكثر من هذا فقد وقعت اختلافات هدامة بين الجماعة الواحدة وكل طرف فيها كان متمسكا بحجج ومتذرعا بمبررات مستدلا بالقرآن والسنة والأصول الأخرى وهكذا استخدم الإسلام لهدم الإسلام!! إن هذا الاختلاف لا يقل خطورة ولا صورة عن ذلك الاختلاف الذي وقع بين أبي عبد الله بن الحسن وعمه أبي عبد الله الزغل لغرناطة بينما كانت هذه المدينة الإسلامية في حالة احتضار ومحاصرة حصارا شديدا من جيوش الملوك الكاثوليك فضاعت الأندلس وضاع الأمراء.. إن هذا الصراع ليس في الحقيقة إلا نوعا من الانتحار وجريمة من أمهات الكبائر التي لا تغتفر.
لقد مرت بالدعوة الإسلامية فترات من المحن القاسية ولكن أعني محنة عانتها هذه الدعوات هو الانشقاق الداخلي الذي شل نشاطها وأخمد جذوتها وسلب عنها كثيرا من الفاعلية والنجاعة وما زالت مضاعفات هذه المحن الداخلية تلاحق الدعوات وتعرقل سيرها.
إن ما بيناه من معوقات الدعوة الإسلامية والحيلولة دون انطلاقها، قبل كل شيء في الداخل أمور مسلمة وهناك معوقات أخرى رئيسية أو ثانوية يدركها كل من زاول الدعوة إلى الإسلام.