منذ أن حلّ بالقاهرة في جو الطلبة ويتعامل معهم ويحاورهم ويفيدهم ويستفيد منهم وإن بعض طلابه هم الآن القائمون على جمع آثاره وترجمتها وطبعها ونشرها كما أوصى هو نفسه بذلك.
هذا مثال لمدى ما يمكن أن تفيده الدعوة من الكفاءات الفردية لو أحسنا الاتصال بها وتوجهها وإتاحة الفرصة لها للعمل.
تلك نقطة أولية في سبيل العلاج.
والنقطة الأخيرة:
هو أن الدعوة الإسلامية يجب أن ترتكز قبل كل شيء على الوسائل العلمية في عملها. فالتحديات الخارجية والداخلية لهذا الدين كثيرة ومتنوعة تستعين علينا بالعلوم والخبرات والأدمغة المفكرة، ولها جامعات وأقسام ومؤسسات متخصصة في دراسة العالم الإسلامي دراسة دقيقة في ماضيه وحاضره وإن مراصدها الثقافية والعلمية تمتاز بالدقة والمرونة وطول النفس، وهو يستخدمون حتى طلابنا وبحاثنا الذين يدرسون عندهم في جامعاتهم لغاياتهم المحددة دون أن نشعر نحن بتلك الغايات ولقد تحولت كثير من الدراسات الجامعية بالغرب والشرق لخدمة الدولة في مختلف علاقاتها مع البلاد الإسلامية زيادة على أجهزة أخرى متخصصة.
ونحن نستطيع أن تكون لنا أجهزة ومراصد ومؤسسات تعنى بدراسة هذه التحديات المقتحمة علينا ديارنا من الخارج والأخرى النابتة في أرضنا وهي أخطر علينا من تلك، ولذلك يجب تكوين جهاز علمي يضم اختصاصين مقيمين ومراسلين وجوالين مهمته دراسة هذه التحديات ووضع ملفات دقيقة عنها وجمع الوثائق المتصلة بها ونشر ما يمكن نشره منها ويجب أن يكون هذا العمل في اطار علمي موضوعي بعيد عن الانفعالات والعواطف، فالمعركة طويلة ومريرة {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} .
وبجانب هذا الجهاز ينبغي أن تكون ثمة مؤسسة (معهد أو مركز) أخرى موازية لها مهمتها دراسة تجارب الدعوات الإسلامية في القديم والحديث ونهتم بوجه خاص بالتجارب الحديثة.