ومن هذا المنطق لابد وأن تكون الأمة على بينة من أمرها، وينبغي للإعلام حينئذ أن يتحلى بالصدق والأمانة. الصدق في القول والأمانة في التوجيه بحيث لا يؤخد عليه التهويل أو التصغير في الأمور، حتى لا تضطر الأمة لاستقاء أنبائها وأخبارها من مصادر العدو الذي يظللها ويقودها إلى الشك والتفكك كما هو حادث اليوم لشديد الأسف.
ثانيا:
ينبغي أن يكون الإعلام مرآة لماضينا كما يكون وجها لحاضرنا. ولكن نرى أن الأمر غير ذلك في واقعنا المؤلم اليوم، ونظرة عابرة إلى حافتنا العربية، إلا ما نذر منها، توضح لنا هذا القول. ومثال آخر للإعلام في إذاعتنا المرئية (التليفزيون) .
لقد سلط التليفزيون في العالم الإسلامي على واقع الغرب والشرق معا بما فيهما من مرارة مؤلمة، وواقع لا أخلاقي فنقلته لنا كما هو، بل وزينته لشبابنا ليقتدي به..
نرى ذلك في القصص والأفلام والمسلسلات.
نرى ذلك حتى في التاريخ القومي للغرب.
فقد نقل لنا التليفزيون ـ جزاه الله بما يستحق ـ كل شيء نقل لنا الخبيث قبل الطيب والطالح قبل الصالح والمر قبل الحلو، وأصبح ناقلا مقلدا في غاية من التفاهة والسوء، لا يعبر عن أصول حضارتنا ولا عراقة ديننا وتقاليدنا، ولكنه مسخ سيء، تاما كالغراب الذي تخلص من ريشه ليقلد الطاووس في شكله فأضحى مسخا لا يعبر عن هذا ولا ذلك.
هل كان الإعلام أمينا في نقل حضارة الإسلام نقلا صحيحا سويا؟
لا.. وألف مرة لا.. أقولها وأنا حزين وآسف على ذلك.
إن جماهيرنا تعرف عن رجال الغرب أكثر مما تعرف عن عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وأبي عبيدة عامر بن الجراح، وغيرهم من رجالات الإسلام الأولين..
إن شبابنا يعرف عن الخنفسة بفضل إعلامنا ـ جزاه الله بما يستحق ـ أكثر مما يعرف عن سجايا أسلافنا وأخلاقهم.
عن نساءنا يعرفن عن نساء الغرب أكثر مما يعرفن عن أمهات المؤمنين والبطلات الخالدات في تاريخ الإسلام.