وكذا تقدم في كلام الشيخ عبد الرؤوف المناوي قوله بعد ذكر ائتمام عيسى بالمهدي:"ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن عيسى هو الإمام بالمهدي وجزم به السعد التفتازاني بأفضليته وعلله لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولا ليظهر أنه نزل تابعا لنبينا حاكما بشرعه ثم بعد ذلك يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل"انتهى.
ذكر بعض ما قد يظن تعارضه مع الأحاديث الواردة في المهدي مع الجواب عن ذلك:
١- تقدم في أثناء كلام الأئمة الذين حكيت كلامهم أن حديث لا مهدي إلا عيسى بن مريم لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي لضعفه ولإ مكان الجمع بينها لو صح بأن يكون معناه لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم وذلك ينفي أن يكون غيره مهديا غير معصوم كالمهدي الذي دلت عليه الأحاديث.
٢- إن ما دلت عليه أحاديث المهدي من قيام المهدي بنصرة الدين وامتلاء الأرض في زمانه من العدل لا ينافيه وجود الدجال وأتباعه في زمانه ومعاداتهم للمسلمين وكذا الأدلة الدالة على بقاء الأشرار مع الأخيار حتى تخرج الريح اللينة التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ولا يبقى بعد ذلك الأشرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة، لأن المراد مما جاء في أحاديث المهدي كثرة الخير وقوة أهل الإسلام وحصول الغلبة لهم وقهرهم لغيرهم وهذا لا ينفي وجود أشرار مغمورين في زمانه كما أننا نعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين رضي الله عنهم قد ملئوا الأرض عدلا ومع ذلك في الأرض في زمانهم من أعدائهم الكثير قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين.