للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا

إن كان في الناس سباقون بعدهم

فكل سبق لأدني سبقهم تبع

أهدى لهم مدَحي قلب يؤازره

فيما أراد لسان حائك صنع

وورد أنه كان ينشد الرسول شعره في المسجد.

ومن هنا تعرف أن القرآن إنما يهاجم شعراء المشركين الذين كانوا يهجون الرسول ويثبطون عن دعوته فالقرآن لم يهاجم الشعر من حيث أنه شعر وإنما هاجم شعرا بعينه كان يؤذي الله ورسوله وهو نفسه الذي قال فيه الرسول الكريم: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له أن يمتلئ شعرا".

ويقول حسان من همزيته التي أجاب فيها أبا سفيان بن الحارث وقد استهلها بمطلع غزلي جميل:

عفت ذات الأصابع فالجواء

إلى عذراء منزلها خلاء

إلى أن يقول:

عدمنا خيلنا إن لم تروها

تثير النقع موعدها كداء [٢٥]

يبارين الأسنة مصعدات

على أكتافها الأسل الظماء [٢٦]

تظل جيادنا متمطرات

تلطمهم بالخمر النساء [٢٧]

فإما تعرضوا عنا اعتمرنا

وكان الفتح وانكشف الغطاء [٢٨]

وإلا فاصبروا لجلاد يوم

يعز الله فيه من يشاء [٢٩]

إلى أن يقول:

ألا أبلغ أبا سفيان عني

فأنت مجوف نَخْبُ هواء [٣٠]

بأن سيوفنا تركتك عبدا

وعبد الدار سادتها الإماء [٣١]

هجوت محمدا فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفءٍ

فشركما لخيركما الفداء

فمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

فإن أبي ووالده وعرضي

لعرض محمد منكم وقاء

والموضوع طويل وحسبنا ما ذكرنا على سبيل المثال.

وقد ذكر البخاري في باب من استنشد الشعر وما سمعه النبي صلى الله عليه وسلم منه وما تمثل به وبيان أنه بمنزلة الكلام.