فإن المقبول عندهم أربعة أقسام: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره، هذا ماعدا المتوتر، أما المتواتر فكله مقبول سواء كان تواتره لفظيا أو معنويا فأحاديث المهدي من هذا الباب متواترة معنويا، فتقبل بتواترها من جهة اختلاف ألفاظها ومعانيها وكثرة طرقها وتعدد مخارجها، ونص أهل العلم الموثوق بهم على ثبوتها وتواترها وقد رأينا أهل العلم اثبتوا أشياء كثيرة بأقل من ذلك، والحق أن جمهور أهل العلم بل هو الاتفاق على ثبوت أمر المهدي وأنه حق وأنه سيخرج في آخر الزمان أما من شذ عن أهل العلم في هذا البال فلا يلتفت إلى كلامه في ذلك وأما ما قاله الحافظ إسماعيل بن كثير رحمه الله عليه في كتابه التفسير في سورة المائدة عند ذكر النقباء، وأن المهدي: يمكن أن يكون أحد الأئمة الاثنى عشر فهذا: محل نظر، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:"لا يزال أمر هذه الأمة قائما ما ولى عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش" فقوله: "لا يزال أمر هذه الأمة قائما"، يدل على أن الدين في زمانهم قائم، والأمر نافذ، والحق ظاهر ومعلوم أن هذا إنما كان قبل انقراض دولة بني أمية، وقد جرى في آخرها اختلاف تفرق بسببه الناس، وجعل نكبة على المسلمين وانقسم أمر المسلمين إلى خلافتين: خلافة في الأندلس وخلافة في العراق، وجرى من الخطوب والشرور ما هو معلوم، والرسول عليه الصلاة والسلام قال:"لا يزال أمر هذه الأمة قائما" ثم جرى بعد ذلك أمور عظيمة حتى اختل نظام الخلافة وصار على كل جهة من جهات المسلمين أمير وحاكم وصارت دويلات كثيرة وفي زماننا هذا أعظم وأكثر.
والمهدي حتى الآن لم يخرج فكيف يصح أن يقال إن الأمر قائم إلى خروج المهدي هذا لا يمكن أن يقوله من تأمل ونظر.